الجمعة، أغسطس ١٨، ٢٠٠٦

خـطـــوات




لا أدري كم من الوقت ظللتُ أبحثُ عن الدفتر، حتى أضعتُ مني المداد!

فكرةٌ وحيدةٌ تسيطرُ عليّ.. مُذ فاجأتُ نفسي بقرار هبوطي من الحافلة قبل مكان وصولي ببضع مئات من الأمتار.. وكم سعدتُ - بعد دقائقَ- باستجابتي لرغبتي المفاجئة هذه، فقد كنتُ في حالةٍ مما لا علاج لهُ إلا بالسَيْر قدرَ ما يُمَكـّنـُني الوقتُ وقدماي. لستُ أدري ماذا يفعلُ بي السّيْرُ على قدميّ! وكأنني في كل خطوة أخطوها ألقي خلفي بقطعة مما يثقلُ نفسي ويُطبقُ عليها كأخطبوط.. وأظلُ أخطو وألقي ببعض حمولتي، حتى إذا أحسستُ أنني أسيرُ ولا فرق بيني وبين الفراشة سوى الجناحين.. عندها فقط أكون قد تعافيتُ تمامًا. وتعودُ نفسي ورقة بيضاء تنتظر محتوًى جديدًا يُسكب فيها حتى تترع، ثم تئن، وتكاد تزهق، فأعافيها برحلة سَيْر جديدة...
لكن يبدو أنني هذه المرة كنت أحتاج المزيد من الوقت حتى أصل إلى التعافي، فالفكرة ذاتـُها لاتزالُ تطنُ في رأسي من قبل رحلتى، وبطولها، وحتى الآن..


كم من أزمنة الحبّ الزائفة نحتاج لإنفاقه حتى نصل إلى زمن الحُب الحقيقي؟؟
أو ربما أمكنني أن أتساءل: كم من امتحانٍ بالحبّ المستحيل يجب أن نجتاز كي ننال الحب المُمكن؟
أم تـُرى كلُ أزمنة الحب مستحيلة؟ وما عداها مما يعدُه البعضُ حبًا فهو محضُ أوهام؟!
هل الحُبُ كله أسطورةٌ كبيرة نظل نتوهمها ونعيشها بمفردنا مع كل ابتسامة متجددة، أو نظرةٍ هاتفة، أو روح تشاركنا نفس الفضاءات، أو فيضِ حنان ورعايةٍ يحيطنا بهما شخصٌ ما ؟
وإن لم يكُن الحُبُ هذه الأمور مجتمعة، فما الحُبُ إذن؟؟
هل يمكن للقلب في كل مرة أن يُخفق في تفسير إشارات الحُب؟ وإذا أخفق في تفسير واحدة منها فهل يمكن أن تتآمر جميعًا ليكون لكلٍ منها دافعٌ بعيدٌ حدّ النفي عن الحب؟؟

ترى.. هل يدري أحدٌ أو يتفق معي في أن العذابَ -أحيانـًا- فكرة!؟
لا عذاب أضنى على النفس والعقل والروح سويًا من مطاردة فكرةٍ ما، والمرء يتوهم أنه مُتمكن منها ومُنتهٍ إلى حسمٍ فيها لا محالة، ثم يفاجأ بأنه بدلا من أن يمسك بكل خيوطها، قد ساقتهُ هي حتى اتسق في فلكها، تظلُ تقلبهُ شعابُها واحدًا تلو الآخر حتى تخور قواه، فتلفظهُ الأفكارُ جثة لا قدرةَ بها على الولوج مرة أخرى إلى معترك الفكر حتى لا يصرَعهُ. وهكذا يظلُ هاربًا في خوف من حلبة أفكاره، يسيرُ في دربه وقد عطل تفكيرهُ لفترة لا يعلم هو حتـّامَ تمتد، فيرتكب المزيد من الحماقات التي تضع روحه في قبضة الأخطبوط من جديد... ما أطولها من سلسلة عذاب!

غرة رجب1427هـ/ 26-07-2006
الأربعاء 11:00 م

ليست هناك تعليقات: