الخميس، سبتمبر ٠١، ٢٠٠٥

أنـفـــاس


النّفَحـاتُ السِّبْتـمْبريَّةُ السخيَّةُ أمهَرَتْ السماءَ بِبراعِمِ الغَيْـمِ التي تنشُرُ – ما بيْنَ الفيْنَةِ والأُخرى- جُنَيْحاتِها الشَّفِيفَةَ برْدًا وسلامًا على الأرْض..
أنفاسُ الصُّبْحِ الباكِرِ - كشأنِها معيَ في هذا الوقتِ مِن العامِ- لا تنفُذُ إلى رِئَتَيَّ فحَسْب، وإنما تتوغَّلُ في كُلِّ خلاياي، تُفْعِمُها بِزَمَنٍ وَرْدِيٍّ تفُوحُ وُرَيْقاتُهُ من تحتِ أكداسِ الذاكِرةِ العَطِبة، تُومِضُ سَبَحاتُهُ في عيْنيَّ تتْرى.. وأجِدُ لأنفاسي – دُونما قصدٍ- أريجَ أيامٍ ثوتْ في ثرى القلب، تنتظِرُ في كلِّ عامٍ سُقيا هذا الوقتِ منهُ لتنبثِقَ فيه.. تمامًا كما ينبثقُ العُشبُ الأخضرُ الصغيرُ عقبَ هُطولِ الغيْثِ في شتاء الصحاري، حتى ينقطِعَ، فتثْوِي مرّةً أخرى تنتظِرُ سُقيا العامِ المُقبِل..
وُجوهٌ حميمةٌ من ذلكَ العهد تغزوني في شوْق.. تلْكِزُ قلبي في عتابٍ حنون.. تُنكِرُ عليَّ طُولَ العهدِ بوَصْلِها.. وثمَّةَ وجهٌ يتميَّزُ على تلكَ الوجوهِ جميعًا، وجْهٌ لهُ براءةُ الأطفالِ وَ وَضاءةُ الصالِحين، وجهٌ تغشّى سُوَيْدائي أبدًا، كما تغشّاني فضلُ صاحِبَتِهِ أينما حللْت.. تخُصُّني بِابتسامةٍ أعمقَ من الممنوحةِ لِسائر رفيقاتي في الطابور الصباحِيّ ، أبادلُها ابتسامتها الزّاكِيةَ التي تأخُذُني.. حتى أنتبِهَ على ابتسامةِ وجهٍ لهُ براءةُ الطفولةِ الطَّهور.. ترمُقُني من بينِ أطفاليَ المُصطفينَ في طابور الصباح، تتسِعُ لها ابتسامتي، فتفيضُ في وجْهِها وصوتِها فرحةُ الطُّفولةِ الغامِرةِ وهي تقول : "كلّ عامٍ وأنتِ بخيْرٍ يا أُستاذتي !"




القاهرة، في مغرب الإثنيْن
8/6/1422 هـ ، 27/8/2001 م


08:30 ص